الخميس، مايو 01، 2008

حرّمت

بقلم سيد علي ١/٥/٢٠٠٨

التهنئة واجبة بجد لأنس الفقي ووثيقته الفضائية، فقد أدت مهمتها حتي قبل أن تبدأ، فقد تلقفتها الفضائيات الخاصة كل بما تيسر له من الفهم، ومعلوم أن الفضائيات بالإشارة تفهم، خاصة برامج «التوك - شو» التي دخلت بيت الطاعة في عملية إصلاح وتهذيب،


وانقلبت علي أعقابها وأصبحت شو بدون توك، وبدا كثير من هذه البرامج وسيلة تضليل مبرمجة يقع ضحيتها ملايين المشاهدين، وللأسف أنه في أحيان كثيرة يصعب اكتشاف هذا التضليل الذي يتنكر باستخدام الماكياج الإعلامي في الاستهبال والاستعباط وتضخيم الصغائر وافتعال معارك وهمية، المهم أن سقف الحرية الذي كان متاحاً لهذه البرامج بدأ في الهبوط الحاد ليلامس الأرض،


حتي إن كهنة هذه البرامج أصبحوا كالهبلة التي أمسكوها طبلة، ولم يعد الخط الفاصل بين رجل الإعلام ورجل الأمن واضحاً وكاد يتلاشي. بعض الفضائيات اشترت دماغها وباعت القضية من البداية، قبل قناة الحياة التي دشنت الافتتاح بحوار طويل ممل مع كبير الممثلين (من كبر السن) ودبرت له مداخلات تليفونية أخرجت الرجل من طائفة البشر إلي الملائكة،
ولو امتد الحوار ربما رفعته لمنزلة أعلي، حتي إن واحداً من كبار الصحفيين (أيضاً من كبر السن)، قال: كيف يكون في مصر مثله ويتعرض لأي نقد. ونسي الكبير أن رئيس الجمهورية بمقامه العالي يتعرض يومياً لنقد حاد وربما جارح دون أن يستنكف هو شخصياً ذلك.


وما حدث في برنامج العاشرة مساء كان ملفتاً، فعندما سألت المحترمة مني الشاذلي الشاب بلال دياب: هل كنت تسخر من رئيس الوزراء عندما قلت إن كل شيء زي الفل؟ رد عليها ببراءة ومنطق: الوزراء كل يوم بيصرحوا بما قلت فمن الذي يسخر من الثاني، الذي يقول أم من يردد ما يقولونه؟. وبنفس البراءة والانكسار هذه المرة ظلت إسراء عبدالفتاح تردد في هستيريا: عاملوني كويس ولم يمسسني أحد.
وعندما حاول معتز الدمرداش مذيع ٩٠ دقيقة إنهاء المداخلة سألها: حرّمتي؟ ردت دون تفكير: «حرمت». ولم تدر إسراء أنها صكت شعاراً للفضائيات ولمواجهة حركة كفاية اسمه «حرمت». والغريب أن المذيع لم يسأل لماذا اعتقلوها بعد قرار النيابة.


وزمان كان هناك برنامج اسمه «القاهرة اليوم» كان في قمة الحيوية والتوهج وعلي نهجه قلدته كل البرامج التي ظهرت بعده بسنوات، غير أن فيروس الوثيقة أصابه بموت سريري، ودخل في غيبوبة لدرجة أن برنامجي العاشرة و٩٠ دقيقة تفوقا عليه بمراحل.


ودعك من برنامج البيت بيتك فقد رفع القلم عن النائم حتي يصحو، وقد مر الزمن وشاهدنا القاهرة اليوم يقدم فاصلاً من النفاق الرخيص ولا يجد مذيعه خفيف الظل، ثقيل الوطء حرجاً من أن يورط زملاءه بوصلة ردح، أو الوقيعة وتوريط ضيوفه في لحظات انتشاء علي الهواء،


ولا مانع من أن يشهد ضدهم، وليس مهما البرنامج أو سمعته أو زملاؤه أو الضيوف، المهم أن يستمر.. أقول ذلك وكنت امتدحته في سنوات سابقة وأرشحه كأفضل البرامج الحوارية،


وطالما كان من حقي المدح فمن واجبي النقد متحسراً علي برنامج كان رائعاً قبل أن تنسحب منه في هدوء نيرفانا إدريس لنفس السبب الذي يمارسه هو الآن، وتبعها حسين الإمام ثم خالد الجندي وأخيراً خيري رمضان، وكان هذا الفريق يعطي للبرنامج طعماً مميزاً ومتوازناً.


مذيع البرنامج يريد بلح الشهرة وعنب السلطة وهي قاعدة تصلح في مجالات أخري إلا الإعلام، فإما رضا السلطة أو الناس، ومن سابع المستحيلات الجمع بينهما.