السبت، أبريل 18، 2009

حكاية غرفة في إسرائيل‏!!‏

في الميزان
حكاية غرفة في إسرائيل‏!!‏
بقلم: أشــرف عـبدالمنعم

نقلاً عن صحيفة الأهرام - عدد الجمعة 17-4 - 2009

أكاد أجزم بأن هناك غرفة‏(‏ ما‏)‏ في مكان‏(‏ ما‏)‏ بداخل اسرائيل لايتوقف الجالسون فيها عن الضحك الي درجة ربما تبلغ مرحلة تفجر الدموع من الأعين واحمرار الوجوه علي أثر الانحناء الي الامام والي الخلف‏;‏ فلما يكاد أحدهم أن يموت ضحكا علي ما وصل إليه حالنا‏,‏ إذا به يستجير بزملائه‏:'‏ أن توقفوا أرجوكم‏,‏ فقلبي لا يحتمل المزيد‏',‏ فما أن يتوقفوا لبرهة محاولين العودة الي أجواء العمل‏,‏ حتي ينفجر أحدهم فجأة غير قادر علي التحكم في انفلات ضحكاته‏,‏ فاذا بالجميع يعودون الي ضحك عميق من القلوب‏!!‏

وأكاد أتصور أن هذه الغرفة ليست كبيرة أو وثيرة في شيء‏,‏ وان كنت أتخيل أنها لا تخلو من مكتبة تضم الكثير من المراجع‏,‏ وطاولة اجتماعات‏,‏ ربما كانت مستطيلة‏,‏ أو دائرية يجلس الجميع من حولها سواسية تعلوهم جميعا صورة شخصية لبن جوريون وربما تيودور هيرتزل‏..‏ وعلم دولة اسرائيل‏.‏

وأكاد أتصور أن ركنا ما من أركان هذه الغرفة ملئ بأجهزة ما تنفك تبث أهم مختصرات من انباء سريعة متلاحقة يختص معظمها بالشأن العربي بشكل أو بآخر‏,‏ أنباء ربما يتم انتقاؤها واختصارها بواسطة مجموعات اخري من خارج هذه الغرفة‏..‏ولكن هذه الغرفة لا يعنيها سوي المختصرات‏!!‏

ولا أعرف لماذا يراودني احساس قوي بأن هذه الغرفة حين تأسست في بدايتها ـ ربما بعد العام‏48‏ ـ كانت تضم نخبة النخبة من القادرين علي تصور سيناريوهات الاحداث المستقبلية العسيرة‏;‏ اذ ربما كانت تضم هذه الغرفة متخصصين في مجالات‏:‏ علم النفس‏,‏ والسياسة‏,‏ والاجتماع‏,‏ والاقتصاد‏,‏ والاعلام‏,‏ ومقارنة الاديان‏,‏ والعلوم العسكرية‏,‏ والاستخبارات‏,‏ والانثروبولوجي‏,‏ وعلماء اللغة‏,‏ وخبراء في مختلف اللهجات العربية‏...‏ وتخصصات ربما لانعرفها‏;‏ وقد بدت علي الوجوه جميعها قسمات الجدية الشديدة‏,‏ والصرامة‏,‏ والالتزام‏,‏ والشعور المفرط بالمسئولية الجسيمة الواقعة علي الكواهل‏;‏ فخطأ واحد في السيناريو قد يكلف الدولة العبرية ما لا تقوي علي دفع ثمنه‏!!‏

وأتصور أن حال الغرفة علي هذا النحو لم يكن ليخلو من مجادلات ومشاحنات في غاية الجدية بين أعضائها ما بين متشائم وشديد التشاؤم‏;‏ وما بين متشدد ومغال في التشدد‏,‏ في محاولات لاهثة تسابق الزمن من أجل وضع سيناريوهات وخطط استباقية للاسوأ المتوقع من الأمور علي الجانب العربي‏...‏ ولا أحدثك في هذا عن أيام سوداء كثيرة‏(‏ ربما‏)‏ عاشها الرعيل الاول أو الثاني من خبراء هذه الغرفة منذ انشائها‏!!‏

ثم دارت الايام‏,‏ وربما لاحظ القائمون علي تقييم أداء هذه الغرفة أن السيناريوهات التخصصية وردود الافعال الافتراضية الصادرة عنها قد أصبح لا علاقة لها بالواقع مطلقا‏;‏ اذ تلاحظ أنها أقل تفاؤلا بكثير من الواقع الحقيقي‏;‏ لدرجة أن تقارير هذه الغرفة ربما أصبحت بحق مثيرة لمشاعر الاكتئاب أكثر منها مقتربة من الواقعية في شيء‏;‏ حتي أن المسئولين هناك‏,‏ لن أقول ما عادوا يكترثون بتلك التقارير‏,‏ وانما ربما أصبحوا شبه غير واثقين فيما تتوصل اليه من نتائج سوداوية‏;‏ الامر الذي ربما دفع بالمسئولين هناك‏-‏ والله أعلم‏-‏ الي القيام بتغيير نوعي تدريجي لطبيعة الخبراء الذين أصبحت تضمهم هذه الغرفة‏;‏ ربما علي العكس تماما من اسلافهم‏;‏ حتي أصبح الاختيار ربما مبنيا علي توافر منتهي الافراط في التفاؤل بشأن النتائج المرجوة والتي لا يمكن أن تأتي علي بال أكثر الناس افراطا و‏(‏عتها‏)‏ في تفاؤله‏!!‏

وربما كان من أهم نقاط التحول في اختيار خبراء هذه الغرفة الجدد هو شهر تموز من العام‏2006,‏ وذلك عندما أطاحت الآلة العسكرية الاسرائيلية الغاشمة بكل ما هو لبناني داخل لبنان نفسها‏,‏ واختبأ رجالات‏'‏ حزب الله‏'‏ في مخابئهم متبعين في ذلك تكتيكات دفاعية ما أنزل بها الله من سلطان‏!!‏ وربما خرجت تقارير الغرفة في هذه الايام محذرة من لوم دولي واسع المدي لما ارتكب من جرائم بحق المدنيين هناك‏,‏ ولكن ما أن انتهت الخطة العسكرية من تحقيق أهدافها‏,‏ وخرج العبرانيين‏(‏ طوعا‏)‏ من أرض المعركة‏,‏حتي فرض الواقع تفاؤلا لم يأت في حسابات أكثرالمتفائلين تفاؤلا‏

وذلك حين خرجت عناصر‏'‏ حزب الله‏'‏ تزعم الانتصار وتكبيد العدو الصهيوني خسائر فادحة في الارواح والعتاد وصلت إلي حد إغراق البوارج الحربية شخصيا‏;‏ ثم سرعان ما انخرطت الجماهير‏-‏ المتلهفة لأي انتصار والسلام‏-‏ تؤكد ذلك النصر‏,‏ حاملة لافتات‏'‏ نصرالله‏',‏ غير معترفة بالهزيمة‏..'‏ والله بركة ياجامع‏',‏ إذن فليكن الأمر كذلك‏:‏ نحن الاسرائيليين انهزمنا‏,‏ وانتم العرب انتصرتم‏..'‏ وماله‏'!!‏

ثم مالبث الأمر ان ازداد تفاؤلا في صالح اسرائيل أيضا‏;‏ وذلك عندما سقطت الانظمة العربية فريسة التناقض مابين التهليل لنصر‏'‏ حزب الله‏'‏ من ناحية‏,‏ وبين رفض وجود‏'‏ حزب الله‏'‏ الشيعي الموالي‏(‏ لإيران‏)‏ من ناحية أخري‏!!‏

ثم دارت الايام‏,‏ وجاء الدور علي‏'‏ حماس‏',‏ فتحركت الآلة العسكرية الاسرائيلية الغاشمة تفترسها هي الأخري‏,‏ فإذا بالانظمة العربية تسقط فريسة للتناقض مرة أخري مابين تأييد لـ‏'‏حماس‏'‏ في حربها من ناحية‏,‏ وبين رفض فكرة وجود‏'‏ حماس‏'‏ أصلا علي الخارطة الجغرافية العربية‏;‏ باعتبارها مدا اسلاميا سنيا متشددا غير مرغوب في زيادة امتداده بأي حال من الأحوال‏!!‏

هكذا انقسمت الخريطة العربية بين الحكومات الرافضة‏(‏ المضطرة‏)‏ للتأييد‏,‏ وبين شعوبها المتحمسة المتعاطفة حتي الثمالة‏!!‏ أما الاخطر من كل ذلك‏,‏ ومالم يخطر بقلب بشر‏,‏ لا داخل الغرفة‏(‏ إياها‏)‏ ولا خارجها‏,‏ فهو أن تفاجأ اسرائيل منذ ايام قليلة بموقف كان من شأنه ان يوحد الحكومات والشعوب العربية مجتمعين علي درب الإحراج الوطني العام أمام العالم بأسره‏;‏ وذلك حين تم الإعلان عن سقوط خلية‏(‏ ارهابية‏)‏ تعمل لصالح حزب الله ضد القاهرة وليس تل أبيب‏;‏ فإذا بالشتائم تنهال من جانب الحكومات علي البطل المغوار‏'‏ نصر الله‏',‏ ثم إذا بالشعوب المخدوعة ترتبك من هول المفاجأة وهي التي كانت تعتبره معها في يوم من الأيام لا عليها‏,‏ ثم إذا بدليل دامغ لايحتمل التأويل يبزغ في الآفاق من بعيد أمام العالم أجمع يلمح بأن السواعد الاسرائيلية كانت علي حق حين تحركت للفتك بهؤلاء في تموز بزعم انهم‏'‏ ثلة من الإرهابيين‏'!!..‏ كل ذلك يدور وهم في الغرفة يضحكون‏.‏

الله يخرب بيوتكم‏!!‏

هناك 3 تعليقات:

محمد حمدي يقول...

جميلة حكاية غرفة في اسرائيل، والاجمل منها ان تكتب مذكراتك عن الغرفة اياها في السرايا الصفرا!
الامريكان بيعلنوا امام الدنيا ان استراتيجة حزب الله الدفاعية فرضت عليهم تغيير استراتيجتهم ويندمون انهم لم يدبربوا الجيش الجورجي عليها ليتمكن من الوقوف امام الدب الروسي وحضرتك تعرف الله وسلطانه لتقيم سياستهم الدفاعية بكونها ماانزل الله بها من سلطان!
وفق منطقك المتهلل عبرنا سنة 73 واحتللنا امتاراَ وعبر الاسرائليون عبر ثغرة الدفرسوار واحتلوا كيلومترات!
ووفق نظريتك فطس الجالسون بالضحك على انفسهم من غباءنا ونحن نثق بان جيشنا هزمهم بينما الامر في حقيقته مجرد تمثلية تمكن السادات من الصلح معهم فيما بعد.
اذا كنت لا تؤمن بالمعاد ويوم القيامة الا تؤمن بان تكون حراً شريفا لا يبيع شرفه بالملاليم؟!.

محمد حمدي يقول...

جميلة حكاية غرفة في اسرائيل، والاجمل منها ان تكتب مذكراتك عن الغرفة اياها في السرايا الصفرا!
الامريكان بيعلنوا امام الدنيا ان استراتيجة حزب الله الدفاعية فرضت عليهم تغيير استراتيجتهم ويندمون انهم لم يدربوا الجيش الجورجي عليها ليتمكن من الوقوف امام الدب الروسي وحضرتك تعرف الله وسلطانه لتقيم سياستهم الدفاعية بكونها ماانزل الله بها من سلطان!
وفق منطقك المتهلل عبرنا سنة 73 واحتللنا امتاراَ وعبر الاسرائليون عبر ثغرة الدفرسوار واحتلوا كيلومترات!
ووفق نظريتك فطس الجالسون في الغرفة اياها بالضحك على انفسهم من غباءنا ونحن نثق بان جيشنا هزمهم بينما الامر في حقيقته مجرد تمثلية ليتمكن السادات من الصلح معهم فيما بعد.
اذا كنت لا تؤمن بالمعاد ويوم القيامة الا تؤمن بان تكون حراً شريفا لا يبيع شرفه بالملاليم؟!.

MǿиY El-Shreef يقول...

وطول عمرنا هنفضل

مع الخيل ياشقرااا

هنعمل ايه يعني

سستمونا

ربنا ينصرنا ويرحمنا بقى

عالم مقرفه