الاثنين، مارس 24، 2008
مجدى مهنا يسأل : ما هى الوطنية؟
الجمعة، مارس 21، 2008
مجدي مهنا وحكم التاريخ
الأستاذ مجدي مهنا أحد أبناء مصر الذين يفخر التاريخ بوضع أسمائهم في أنصع صفحاته، رغم أنه لم يكن مشغولاً بذلك، ففي حوار له علي أحد البرامج قال: إنه لا يهتم بالاحتفاظ بأرشيف لمقالاته، ولكن هو يكتب مقاله اليومي ويسلمه وكفي، ويمضي بعد ذلك لكتابة مقال جديد، وقال «كون إن شخص يجيء بعد سنين ويؤرّخ لتلك الفترة من تاريخ مصر، ويشير لمقالاتي، فهذا أمر لا يشغلني» ولكن كان يعنيه أن يكون صادقاً في كلامه منحازاً للبسطاء، هذا هو مجدي مهنا..
لم يهتم بحكم التاريخ عليه، ولم يشغل باله به، وإذا بالتاريخ يضعه في أنصع صفحاته وأكثرها نقاء، في فترة تمر بها مصر صار النقاء فيها عملة نادرة، هذا يجعلني أقارن بين مجدي مهنا الذي لم يعنه حكم التاريخ وآخرين يقاتلون من أجل تخليد ذكراهم في كتاب التاريخ، ويتطفلون علي صفحاته لاحتلال مكانة مميزة به، إذا بالتاريخ يفتح لهم أبوابه ليدخلوا إليه لكن إلي حيث الطريق المؤدي إلي مزبلته.
نشر فى باب السكوت ممنوع بصحيفة المصرى اليوم
السكوت ممنوع
الثلاثاء، مارس 04، 2008
شد الحزام علي وسطك
أثار عيد الحب في قلبي العديد من الشجون.. الاستسلام الغبي لنمط من الاستهلاك سوف يقودنا إلي هاوية أعمق من تلك التي نرقد فيها الآن. الرضوخ لنمط وعادات الغرب السعيد. الاكتفاء بالشكل دون الجوهر.. فالحب في هذا العيد هو أن تشتري هدايا وليس أن تحب. شجون عميقة تضرب بجذورها في معظم ما يحيطنا اليوم من سلوكيات اجتماعية.
ظللنا طوال القرن الماضي نكرر من الشيخ سيد درويش إلي الآن أن الاقتصاد المصري - ودون الدخول في تفاصيل من يريد أن يغلوش علي الموضوع - يحتاج منا أن نسير معه ثلاث خطوات ليس أكثر: أولا أن نقوم بترشيد استهلاكنا. ثانيا أن نقوم بتنمية مدخراتنا. وثالثا: أن ننتج. فلا وجود لتنمية دون ادخار وبالطبع لا يمكن أن نعظم من مدخراتنا دون أن نشد الحزام علي وسطنا. الموضوع في منتهي البساطة.
أتذكر أنني كنت في ألمانيا في الصيف قبل الماضي. أقمت في مدينة ميونيخ وهي من أشهر وأرقي المدن الألمانية ودخلت هناك سوبرماركت هو الأكبر في الحي الذي كنت أقيم فيه ووجدت أن الموجود من البضاعة في هذا المحل لا يتجاوز الحد الأدني الإجباري توافره. صنف واحد أو علي الأكثر صنفان من البضائع الأساسية.
واكتشفت تدريجيا أن الشعب الألماني يستهلك في الحدود الدنيا مع وعي وطني وصحي عميق. هذه الدولة اليوم هي الأكثر تصديرا لمنتجاتها من ضمن كل دول العالم، فقد تعدت صادراتها قيمة تريليون دولار بشوية فكة سنويا، بينما تأتي الصين في المرتبة الثانية بـ٩٧٤ بليون دولار ثم الولايات المتحدة بـ ٩٢٧ بليون دولار.
هذه الدولة التي فقدت بعد الحرب العالمية الثانية بنيتها التحتية بالكامل ووصلت بعد خمسين عاما فقط أن تكون الأولي علي العالم في مجال التصدير انضمت إلي عدد من الدول الأوروبية - من ضمنها فرنسا - كي يقوموا بحملة مضادة لعيد الحب ليوقفوا من نزيف الاستهلاك الغبي الذي قد يعوق من دفع عجلة الإنتاج المعتمدة علي الادخار.
وليستهلك منتجاتهم شعوب العالم الأخري. ولتكن المرسيدس السيارة التي يعشقها الشعب المصري أو الأرجنتيني لكي تدور عجلة الإنتاج لديهم دورتها اللانهائية. كما أنهم يقومون بحماية شعوبهم من تبعية ثقافية للولايات المتحدة لابد من مواجهتها بكل حدة من وجهة نظرهم. فكل الرسائل الإلكترونية التي تلقيتها من دول أوروبية كانت تدعم الاتجاه المعادي لعيد الحب باعتباره عيدا لحب الشراء وعيدا لحب ترويج المنتجات الغربية.
وكل الرسائل التي تلقيتها من مصر كانت تعبر عن فرحة لا نهائية بالفالنتين داي ونحن بالتأكيد لا نعرف لا من قريب ولا من بعيد الحاج فالنتين ولا الأستاذ «داي». تدعم الدولة المصرية رسميا ومن خلال أدائها العام ومن خلال وسائل الإعلام الرسمية نمطا للاستهلاك لا يمكن فهم نوازعه إلا إذا شاهدنا التشكيل الوزاري المرصع برجال أعمال لا يفهمون إلا دفع هذا الشعب الغلبان لمص دمائه باستهلاك منتجاتهم التي لا يمكن تصديرها لارتفاع ثمنها ورداءة صنعها.
وقد بلغت صادرات مصر ٢٤ بليون دولار أغلبها منتجات بترولية وغاز. ويمكننا تقدير تلك القيمة إذا قمنا بمقارنتها بصادرات دولة مثل سنغافورة التي لا تصدر لا البترول ولا الغاز ويبلغ عدد سكانها أربعة ونصف مليون نسمة، وتبلغ مساحتها ٦٩٢ كيلومترا مربعا فقط وقد بلغت صادراتها ٢٠٥ بلايين دولار. فعيد الحب هو في الواقع عيد لحب رجال الأعمال وعيد لكراهية مصر وكراهية نموها الاقتصادي.
عيد لحب شركات المحمول التي ازدهرت بإرسال رسائل لا معني لها إذا قارناها بكلمة حب وجها لوجه أو بقبلة أو حضن حقيقي دافئ بالحب. عيد لحب مستوردي البضائع الصينية وأصحاب المحال. تلقي أبناء العائلة عشرات الكروت الأجنبية المطبوعة باللغة الانجليزية دون كلمة واحدة من مرسلها سوي الاسم.
سألتهم أيهما يفضلون تلك الكروت أم صفحة بيضاء مسطورة بحروف تنبض بشيء حقيقي؟ إنما هو نمط للاستهلاك أصبح هو البطل الأوحد علي الساحة الاجتماعية المصرية. تضربنا الإعلانات من كل صوب وحدب بلا رحمة. ولا وجود لكلمة واحدة أو حملة توعية جماهيرية واحدة لشرح مخاطر التمادي في الاستهلاك أو لشرح ضرورة الادخار. فدعونا نكرر ما تم غناؤه منذ حوالي القرن من الزمان: شد الحزام علي وسطك غيره ما يفيدك. والله يرحمك يا شيخ سيد.
دعواتك.. في المترو
الحكاية ليست جديدة، لكنها أصابتني بذعر وفزع كبيرين، فقد تحول مترو الأنفاق إلي منبر دعوي ديني.. يتنابز فيه أهل الإسلام مع أهل المسيحية كل بدعواته وكل بمنشوراته، والدولة والقائمون علي المترو يمتنعون ولا يقتربون.
والحقيقة يا سادة أنني لا أدعي أنني من ركاب المترو كثيرا، لكنني قررت أن أستقله قبل أن أحاور ضيوفي في حلقة خاصة عن المترو والقطار في برنامج «اتكلم».
ويا هول ما رأيت.. لن أتحدث عن القطار أو الازدحام أو السلوكيات أو التأخير، فكلها مشاكل جار العمل علي حلها، وجميعها قضايا تحتاج لموازنة وانضباط ويمكن التعامل معها.
لكن ما راعني هو ما يحدث في عربة السيدات، تلك حكاية فريدة لا أظن أنك يمكن أن تشاهدها في أي مكان إلا عندنا ـ فهذه هي «الخصوصية» المصرية بحق.
ولكن لنبدأ من أول الرحلة، وبدايتها سيدة منتقبة ترتدي الشادور الإيراني الشهير، تنادي بصوت مرتفع علي باقي النساء أن يرددن دعاء الركوب، ليس سرا ولكن جهرا: «ياللا يا ستات ادعو معانا»، وبعدها مباشرة يبدأ الدرس الديني. كيف سينالنا عذاب القبر، والثعبان الأقرع الذي سيعصرنا يوم القيامة، وطبعا ابتعدي عن الرجال لأنه لو سلم عليك رجل فهذه جريمة كبري قد تقارب الزني!
ثم يبدأ ترديد عدد آخر من الأدعية تنتهي بدعاء النزول من المترو، وبين الركوب والنزول هناك علي الأقل ١٠٠ دعاء آخر: يعني دعاء دخول الحمام، دعاء السكوت، دعاء الكلام، دعاء الكتابة، دعاء النوم، دعاء الكسل، كله موجود ومتوفر.
لا يوجد طبعا وسط كل ذلك أي كلام عن العمل أو أهميته أو الاجتهاد أو الصدق أو الأمانة أو احترام خصوصية الآخرين، أو احترام الآداب العامة أو النظافة، تلك تفاصيل ثانوية، المهم هنا هو الدعاء، هكذا تكونين مسلمة حقة.
فإذا لوحظ مثلا أنك لا ترددين الدعاء، لأي سبب من الأسباب أو أنك سافرة لا ترتدين الحجاب، أو أنك ترتدين صليبا لأنك مسيحية فعليك أن تقبلي ما تسمعينه وتسكتي، وإلا نالك ما لا عين رأت ولا أذن سمعت، بدءا من اتهامك بالكفر، انطلاقا إلي اتهامات أخري، أظن أن قلمي يعف عن كتابتها، ذلك إذا انتهي الأمر عند الألفاظ، ولم يمتد إلي الدفع باليد أو إجبارك علي ترك المترو تماما.
طبعا إخواننا المسيحيون لم يسكتوا علي ذلك، فبدأوا هم الآخرون في توزيع منشورات مضادة للأدعية الإسلامية، وتلك توزع علي كل من لا يرتدي غطاء علي الرأس.
وهكذا يا سادة تحول المترو ـ وهو وسيلة مواصلات والله في العالم أجمع ـ إلي منبر للتنابز الديني والتفرقة الدينية، بل والفتنة الطائفية.
رئيس شركة المترو أكد لي أن الشركة لا تقبل ذلك وستقاومه، لكننا لم نر حتي هذه اللحظة أي أمن نسائي يوقف تلك الظاهرة أو يمنعها، ربما خشية أن يصيب أفراد الأمن أيضا ما لا يحمد عقباه، من سب ولعن ودعوات بدخول النار أو النار نفسها.
هل يمكن أن نقبل ذلك؟ هل يمكن أن يفرض علينا ذلك؟ وتري ما هو رد فعل أي سائح أو سائحة أجنبية تخطئ يوما وتظن أن المترو وسيلة مواصلات آدمية طبيعية تماما، كما هو الحال في لندن أو باريس أو أي مدينة في العالم، وكيف يمكن أن تشعر مصرية مسيحية ومسلمة غير محجبة، مثلي ومثل كثيرات منا، بالأمان في المواصلات العامة إذا كان لها قانونها الخاص وقواعدها الخاصة.
إن موقفا حازما من تلك الظاهرة يجب أن يتخذ بكل صرامة وبكل موضوعية. الدعوة الدينية مكانها المسجد أو الكنيسة أو المعبد اليهودي، وليس مكانها المواصلات العامة.
لا يمكن أن يفرض علينا سلوك، لمجرد أنه يرتبط بديننا بدعوة المزايدة علينا، أو لمجرد أننا نخاف أن نواجه من يتشحون بالدين لفرض أنماط سلوكهم، لا يمكن أن نقبل أن تتحول المواصلات العامة إلي منابر دينية، والأخطر أن تتحول إلي أماكن للتفرقة الدينية والتطرف، ولست هنا في مجال التأكيد أن الحياة عمل وليست فقط دعاء، فذاك شأن آخر.
إذا لم نقف لظواهر مثل تلك فلا تسألونا بعد ذلك ماذا حدث لسماحة الوطن.. إذا لم تفرض الدولة قانونها فيجب ألا نسأل بعد ذلك ماذا حدث للناس ولماذا زاد تطرفهم؟
فالعجز هنا، وفي أبسط مظاهره، هو شأن الدول الضعيفة والنظم المتهالكة.
نقول دولة.. يقولوا ملكية
يبدو أنني لمستُ العصب الحساس في أعماق كل واحد منا، حين قلت بإننا - بوضعنا الحالي - ضحايا عواقب سقوط الملك فاروق عام ٥٢، وإن العرب بدورهم ضحايانا، بحكم امتداد تأثير القاهرة عليهم، بالسلب والإيجاب، وإن الملك الشاب، إذا كان قد أُصيب في شخصه، فخرج من البلد ثم مات، فإصابتنا نحن كانت في بلدنا، ثم في مستقبلنا، علي السواء.
فالوزير منصور حسن، يري أن القول بهذا المنطق فكرة وجيهة، ويصف حصيلة ما جري، في رسالة منه، بأنها تستحق التأمل العميق.
وسمعتُ من وزير له وزنه في الحكومة، أنه يختلف مع ما قلته، لأن معناه، عند التسليم به، أن الملكية كانت أفضل من الجمهورية، الأمر الذي يظل - في تقديره - غير صحيح.. فما حدث هو أنه كانت هناك بدايات، لا بأس بها، في أيام الملك، وكان المفترض أن تأخذها الثورة وتبني عليها، غير أنها بددتها بأخطاء فادحة وقعت فيها، ليس أولها نكسة ٦٧، ولا آخرها إهدار ثروة الوطن القومية في مغامرات لا معني لها، أو قيمة!
ولكن الأستاذ منير فخري عبدالنور، سكرتير عام حزب الوفد، يتجاوز ما أحصيته من وجوه بداياتنا في تلك الأيام، ويقول إن مصر لم تكن فقط فيها بورصة قومية ومستقرة قبل الثورة، ولا كانت فيها فقط بدايات حياة ديمقراطية ناشئة ومشجعة، ولا كان فيها فقط اقتصاد يخطو خطوات جيدة.. ولكن كانت فيها حركة تصنيع كبيرة، وكان فيها استثمار طامح، وكانت فيها حركات إصلاح ناهضة، وكان فيها.. وكان فيها.. مما قضت عليه يوليو، بحماقة غير مسبوقة.. وقد كان استكمال ما بدأناه قبل يوليو، بدلاً من العودة إلي نقطة الصفر، كفيلاً - في تقدير سكرتير عام الوفد - بأن يجعلنا دولة بحر متوسطية، تقف الآن علي قدم المساواة، مع إسبانيا واليونان، بل تتفوق عليهما، لا أن ننافس فقط، أو نتجاوز ماليزيا التي بدأ اقتصادها مسيرته عام ١٩٨١.. وربما يكون الشيء المحزن حقاً، هو قول منير فخري، قطب الوفد، إن لديه صورة من تقرير كان مرفوعاً إلي عصبة الأمم عام ١٩٣٧، عن الدول المتوقع لها أن تسود في الشرق، وقتها، ومستقبلاً.
وكان التقرير يشير إلي دولتين بالاسم: مصر.. واليابان!!
وقد صارت إحداهما اليوم في السماء، والأخري في سابع أرض!!
ويقول الكاتب الأستاذ منير عامر، إنه مندهش بسبب دعوتي - في نظره - إلي الملكية، دون مبرر معقول! ولا يقبلها.
وتعليقات أخري، وتعقيبات كثيرة، تضيق المساحة المُتاحة عنها، غير أني أجد ضرورة في العودة إلي الموضوع، لأقول من جديد، إن الهدف ليس ملكية، ولا جمهورية، ولا «عفريت أزرق»!!.. وإن هذا التصنيف الشكلي، ليس في ذهني، ولا أعتقد أنه يكون في ذهن أحد، حين ينعي حالنا، في هذه الأيام، فالقصد دوماً أن تكون هناك دولة مكتملة الأركان، بالمقاييس والمعايير التي أشار إليها أفلاطون، في جمهوريته الشهيرة.. وهي جمهورية، فهمها كل واحد علي طريقته، من أفلاطون إلي الآن.. فالفيلسوف الألماني «نيتشه» - علي سبيل المثال - كان يراها دولة قوية يصعد فيها النازي إلي الحكم، ويسحق الحاكم الفرد، إرادة المجموع، في سبيل قيام جمهورية، أو إمبراطورية، تدوس الناس، والعالم معها تحت قدميها، وتري جنس أبنائها وحده، هو الأولي بالبقاء، والارتقاء، فوق أجساد وجثث الآخرين!
وفي روسيا، كان فهم «ماركس» و«أنجلز» لجمهورية أفلاطون، مختلفاً، وكان رأيهما أن البقاء هو للمجموع في شيوعية مسيطرة لا تدع للفرد - كفرد - فرصة التحقق علي أي مستوي، فلابد أن يذوب تماماً في الجماعة!
ونحن لا نريدها دولة ماركسية، ولا نازية.. ولكننا نريدها دولة فيها الحد الأدني، من التوازن، بين السلطات الثلاث، وفيها الخط الفاصل بين حق الحاكم، وحق المحكوم.. وأغلب الظن أن دولة ما قبل يوليو، كان فيها شبه توازن بين السلطات، وكانت فيها أحزاب تتداول السلطة فيما بينها، ولا يحتكرها حزب واحد إلي الأبد، وكان فيها دستور ٢٣، الذي كان يعطي ما للأمة للأمة، ويجعلها مصدر السلطات، ويعطي ما للحاكم للحاكم، قدر ما كان متاحاً وقتها.. وهي بدايات، كما نري، كانت تُغري بأن نأخذها، ونتبناها، ونبني عليها، فيمشي التطور في مجراه الطبيعي، لا أن يجري جمع السلطات كلها، في يد فرد واحد أحد، من ٥٢ إلي هذه الساعة.. هذا هو القصد، ولا قصد غيره.. ولك أن تسميها بعد ذلك، جمهورية، أو ملكية، أو بين بين.. لا يهم.. فالاسم ليس هو الموضوع.. ولا ينبغي أن يكون!
نقلاً عن صحيفة المصرى اليوم
عزيزي المواطن لا تمت أبدًا
اذهب إلي القاهرة الجديدة.. سوف تجد طوابير العائلات تتسابق في حجز مقبرة في القطامية أو في طريق السويس.. هناك أزمة حقيقية في المدافن.. الجوامع والجمعيات الخيرية تحاول المساعدة في إيجاد حلول وتجمع الأموال والتبرعات من أجل شراء مقابر صدقة للفقراء.. الغلاء والأسعار المشتعلة جعلت الناس تستغيث بالدكتور وزير محافظ القاهرة.. طالبوه بتوفير مدافن وبوضع تسعيرة جبرية للحانوتية نظير عمليات الغسل والدفن بأقل من خمسمائة جنيه.. الحانوتية اعترضوا.. وهددوا بالقيام باعتصامات وإضرابات..
لاحول ولا قوة إلا بالله.. حتي الحانوتية وصلهم فيروس الإضرابات؟!.. الدكتور عاصم الدسوقي حكي لي أنه شهد في أمريكا واقعة عجيبة.. حانوتية تكساس قاموا بإضراب لمدة شهرين كاملين يطالبون برفع رسوم الدفن.. وكانت كارثة حيث تعفنت الجثث في الكنائس.. ورضخت السلطات لمطالب الحانوتية فقامت برفع الرسوم.. فهل سيرضخ محافظ القاهرة لمطالب الحانوتية؟.. وكيف سيتعامل مع إضرابهم المتوقع؟.. مصر لا توجد فيها شركات متخصصة في دفن الموتي، وهذا بيزنس سوف يشهد ازدهارا كبيرًا في الفترة المقبلة.. وقد بدأ بالفعل..
فقد قرأنا مؤخرًا عن شركة تعلن عن بيع مقابر في مجمع للمدافن سمته علي اسم أشهر مدفن في الأراضي الحجازية وحددت ثمن المتر فيه بأضعاف أضعاف ثمن متر المباني في شقق مصر الجديدة.. هل ستتم خصخصة المقابر أيضًا؟.. يبدو أنه اتجاه جديد.. ولكن أين سيدفن الفقراء؟.. خاصة أن ظاهرة مقابر الصدقة أصبحت مجرد ذكريات وحكايات عن زمن التكافل الذي ولّي.. هل خططت المحافظة ووزارة الإسكان وهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة علي خريطة مصر مجمعات للمدافن؟.. لا أظن..
فهذه الهيئات مشغولة بأمور استثمارية أهم.. والتوجه هو أن نترك هذه التفاصيل للحراك الاجتماعي فالمجتمع، كما يقول الدكتور علي الدين هلال في حالة رجرجة مثل البالوظة.. فمن سوف يلتفت إلي طموحات مواطن يدعو قائلاً.. يا رب مقبرة متر في مترين.. عزيزي المواطن لا تمت الآن.. لا توجد مقابر شاغرة.
نص كلمة - بقلم أحمد رجب
من حق السنين علينا أن تفعل بنا ما تشاء من شيخوخة وأمراض وعجز، فنحن من
جانبنا نعامل السنين معاملة غير كريمة، إذ نستقبل كل سنة جديدة بالطبل والزمر
والرقص ثم نودعها بكسر القلل وضرب البراطيش .
-----------------------------------------------------
قررت الحكومة وقف التعيينات نهائيا بالجهاز الإداري والاكتفاء في القانون الجديد بالمسابقات التي تختبر الكفاءة والمعلومات، ومن المضحك أن هذه المسابقات هي السبب في ضياع تكافؤ الفرص بين المجدين وبين المحاسيب،فيسألون ابن أخت الوزير في المسابقة لمن من العظماء أقيم تمثال سعد زغلول؟ أما أولاد الجارية فالسؤال من عينة: اذكر تعداد مصر في عصر عباس الأول واكتب أسماء السكان كل واحد باسمه الثلاثي .
هذي بـلاد..لم تعدْ كبـلادى
الأمواج علي شواطئ إيطاليا وتركيا واليونان»
كم عشتُ أسألُ: أين وجــــــــهُ بــــلادي
أين النخيلُ وأيـن دفءُ الــوادي
لاشيء يبدو في السَّمـَــاءِ أمـامنــــــــــا
غيرُ الظـلام ِوصــورةِ الجــلاد
هو لا يغيبُ عن العيــــــــون ِكأنــــــــه
قدرٌٌ .. كيوم ِ البعــثِ والميــــلادِ
قـَدْ عِشْتُ أصْــــرُخُ بَينـَكـُمْ وأنـَـــــادي
أبْنِي قـُصُورًا مِنْ تِـلال ِ رَمَـــادِ
أهْفـُـو لأرْض ٍلا تـُسـَـــاومُ فـَرْحَتـِــــي
لا تـَسْتِبيحُ كـَرَامَتِي .. وَعِنَــادِي
أشْتـَـاقُ أطـْفـَـــــالا ً كـَحَبــَّاتِ النـَّــــدَي
يتـَرَاقصُونَ مَـعَ الصَّبَاح ِالنـَّادِي
أهْـــفـُــــو لأيـَّـام ٍتـَـوَارَي سِحْــرُهَـــــا
صَخَبِ الجـِيادِ.. وَفرْحَةِ الأعْيادِ
اشْتـَقـْــــتُ يوْمـًا أنْ تـَعـُــودَ بــِــــلادِي
غابَتْ وَغِبْنـَا .. وَانـْتهَتْ ببعَادِي
فِي كـُلِّ نَجْــم ٍ ضَــلَّ حُلـْـــٌم ضَائـِـــــع ٌ
وَسَحَابَــة ٌ لـَبسـَـتْ ثيــَـابَ حِدَادِ
وَعَلـَي الـْمَدَي أسْـرَابُ طـَيــر ٍرَاحِــــل ٍ
نـَسِي الغِنَاءَ فصَارَ سِـْربَ جَرَادِ
هَذِي بِلادٌ تـَاجَـــرَتْ فــِـي عِرْضِهـــَــا
وَتـَفـَـرَّقـَتْ شِيعًا بـِكـُـــلِّ مَـــزَادِ
لـَمْ يبْقَ مِنْ صَخَبِ الـِجيادِ سِوَي الأسَي
تـَاريخُ هَذِي الأرْضِ بَعْضُ جِيادِ
فِي كـُلِّ رُكـْن ٍمِنْ رُبــُــوع بـِـــــلادِي
تـَبْدُو أمَامِي صـُورَة ُالجــَــــلادِ
لـَمَحُوهُ مِنْ زَمَن ٍ يضَاجـِــعُ أرْضَهَـــا
حَمَلـَتْ سِفـَاحًا فـَاسْتبَاحَ الـوَادِي
لـَمْ يبْقَ غَيرُ صـُـرَاخ ِ أمـْــس ٍ رَاحـِـل ٍ
وَمَقـَابـِر ٍ سَئِمَتْ مـِــنَ الأجْـــدَادِ
وَعِصَابَةٍ سَرَقـَتْ نـَزيــفَ عُيـُـونِنـَــــا
بـِالقـَهْر ِ والتـَّدْليـِس ِ.. والأحْقـَادِ
مَا عَادَ فِيهَا ضَوْءُ نـَجْــــم ٍ شـَــــــاردٍ
مَا عَادَ فِيها صَوْتُ طـَير ٍشـَـــادِ
تـَمْضِي بـِنـَا الأحْزَانُ سَاخِــــرَة ًبـِنـَــا
وَتـَزُورُنـَا دَوْمــًا بـِـلا مِيعــَـــادِ
شَيءُ تـَكـَسَّرَ فِي عُيونـِــــي بَعْدَمَـــــا
ضَاقَ الزَّمَانُ بـِثـَوْرَتِي وَعِنَادِي
أحْبَبْتـُهَا حَتـَّي الثـُّمَالـَـــــة َ بَينـَمـَــــــا
بَاعَتْ صِبَاهَا الغـَضَّ للأوْغـَــادِ
لـَمْ يبْقَ فِيها غَيـرُ صُبْــح ٍكـَـــــــاذِبٍ
وَصُرَاخ ِأرْض ٍفي لـَظي اسْتِعْبَادِ
لا تـَسْألوُنـِي عَنْ دُمُـوع بــِــــــلادِي
عَنْ حُزْنِهَا فِي لحْظةِ اسْتِشْهَادِي
فِي كـُلِّ شِبْر ٍ مِنْ ثـَرَاهـَا صَــرْخَـــة ٌ
كـَانـَتْ تـُهَرْولُ خـَلـْفـَنـَا وتـُنَادِي
الأفـْقُ يصْغُرُ .. والسَّمَــاءُ كـَئِيبـَـة ٌ
خـَلـْفَ الغُيوم ِأرَي جـِبَالَ سَـوَادِ
تـَتـَلاطـَمُ الأمْوَاجُ فـَــوْقَ رُؤُوسِنـَــــــا
والرَّيحُ تـُلـْقِي للصُّخُور ِعَتـَادِي
نَامَتْ عَلـَي الأفـُق البَعِيـــدِ مَلامــــــحٌ
وَتـَجَمَّدَتْ بَينَ الصَّقِيـِع أيـــَـــادِ
وَرَفـَعْتُ كـَفـِّي قـَدْ يرَانـِي عَاِبـــــــــرٌ
فرَأيتُ أمِّي فِي ثِيـَــابِ حـِـــــدَادِ
أجْسَادُنـَا كـَانـَتْ تـُعَانـِـــقُ بَعْضَهـَــــا
كـَوَدَاع ِ أحْبَــابٍ بــِــلا مِيعـَــادِ
البَحْرُ لـَمْ يرْحَمْ بَـرَاءَة َعُمْرنـَـــــــــا
تـَتـَزاحَمُ الأجْسَادُ .. فِي الأجْسَادِ
حَتـَّي الشَّهَادَة ُرَاوَغـَتـْنــِي لـَحْظـَــة ً
وَاستيقـَظـَتْ فجْرًا أضَاءَ فـُؤَادي
هَذا قـَمِيـصـِـــي فِيهِ وَجْــــهُ بُنـَيتــِي
وَدُعَاءُ أمي .."كِيسُ"مِلـْح ٍزَادِي
رُدُّوا إلي أمِّي القـَمِيـــصَ فـَقـَـدْ رَأتْ
مَالا أرَي منْ غـُرْبَتِي وَمُـرَادِي
وَطـَنٌ بَخِيلٌ بَاعَنــي فـــــي غفلـــــةٍ
حِينَ اشْترتـْهُ عِصَابَة ُالإفـْسَـــادِ
شَاهَدْتُ مِنْ خـَلـْفِ الحُدُودِ مَوَاكِبــًـا
للجُوع ِتصْرُخُ فِي حِمَي الأسْيادِ
كـَانـَتْ حُشُودُ المَوْتِ تـَمْرَحُ حَوْلـَنـَا
وَالـْعُمْرُ يبْكِي .. وَالـْحَنِينُ ينَادِي
مَا بَينَ عُمْـــــر ٍ فـَرَّ مِنـِّي هَاربـــــًـا
وَحِكايةٍ يزْهـُــو بـِهـَـــا أوْلادِي
عَنْ عَاشِق ٍهَجَرَ البـِلادَ وأهْلـَهـــــــَـــا
وَمَضي وَرَاءَ المَال ِوالأمْجـَـــادِ
كـُلُّ الحِكـَايةِ أنَّهـــَـــا ضَاقـَتْ بـِنـَـــــا
وَاسْتـَسْلـَمَتَ لِلــِّـصِّ والقـَـــوَّادِ!
في لـَحْظـَةٍ سَكـَنَ الوُجُودُ تـَنـَاثـَـــرَتْ
حَوْلِي مَرَايا المَوْتِ والمِيـَـــلادِ
قـَدْ كـَانَ آخِرَ مَا لـَمَحْتُ عـَلـَي الـْمَـدَي
وَالنبْضُ يخْبوُ .. صُورَة ُالجـَلادِ
قـَدْ كـَانَ يضْحَـكُ وَالعِصَابَة ُحَوْلـَــــــهُ
وَعَلي امْتِدَادِ النَّهْر يبْكِي الوَادِي
وَصَرَخْتُ ..وَالـْكـَلِمَاتُ تهْرَبُ مِنْ فـَمِي:
هَذِي بـِلادٌ .. لمْ تـَعُـــدْ كـَبـِلادِي
الاثنين، مارس 03، 2008
الحزن ساكن فى البيوت
و شوفت كل البيوت
لقيت الحزن ساكن
لقيت صمت و سكوت
لقيت جو موت
....
مين اللى مات
قاللى فلان احنا اللى متنا
و احنا عايشين
من زمـــان
.....
إحنا اللى على قيد الوفاة
يا ما صرخنا و قلنا أه
....
أحنا اللى محدش حس بينا
فى كل شارع
جوا مصر حتلاقينا
....
كلام كتير
زى الأكل النظيف
و لو مش مصدق
بص على شكل الرغيف
.....
حاولت أضحكه
قلتله البلد بتتحرك
مسمعتش
معرفتش
قاللى باين عليك
مش فى الدنيا
يا بيه
و بالفقير بتتدحدر!!!
.....
و سابنى و مشى و إختفى
من امام الكادر
لكن صورته لسه فى خيالى
و صوته لسه فى ودانى