بقلم سليمان جودة ٢٠/١١/٢٠٠٧
يبدو أنني لمستُ العصب الحساس في أعماق كل واحد منا، حين قلت بإننا - بوضعنا الحالي - ضحايا عواقب سقوط الملك فاروق عام ٥٢، وإن العرب بدورهم ضحايانا، بحكم امتداد تأثير القاهرة عليهم، بالسلب والإيجاب، وإن الملك الشاب، إذا كان قد أُصيب في شخصه، فخرج من البلد ثم مات، فإصابتنا نحن كانت في بلدنا، ثم في مستقبلنا، علي السواء.
يبدو أنني لمستُ العصب الحساس في أعماق كل واحد منا، حين قلت بإننا - بوضعنا الحالي - ضحايا عواقب سقوط الملك فاروق عام ٥٢، وإن العرب بدورهم ضحايانا، بحكم امتداد تأثير القاهرة عليهم، بالسلب والإيجاب، وإن الملك الشاب، إذا كان قد أُصيب في شخصه، فخرج من البلد ثم مات، فإصابتنا نحن كانت في بلدنا، ثم في مستقبلنا، علي السواء.
فالوزير منصور حسن، يري أن القول بهذا المنطق فكرة وجيهة، ويصف حصيلة ما جري، في رسالة منه، بأنها تستحق التأمل العميق.
وسمعتُ من وزير له وزنه في الحكومة، أنه يختلف مع ما قلته، لأن معناه، عند التسليم به، أن الملكية كانت أفضل من الجمهورية، الأمر الذي يظل - في تقديره - غير صحيح.. فما حدث هو أنه كانت هناك بدايات، لا بأس بها، في أيام الملك، وكان المفترض أن تأخذها الثورة وتبني عليها، غير أنها بددتها بأخطاء فادحة وقعت فيها، ليس أولها نكسة ٦٧، ولا آخرها إهدار ثروة الوطن القومية في مغامرات لا معني لها، أو قيمة!
ولكن الأستاذ منير فخري عبدالنور، سكرتير عام حزب الوفد، يتجاوز ما أحصيته من وجوه بداياتنا في تلك الأيام، ويقول إن مصر لم تكن فقط فيها بورصة قومية ومستقرة قبل الثورة، ولا كانت فيها فقط بدايات حياة ديمقراطية ناشئة ومشجعة، ولا كان فيها فقط اقتصاد يخطو خطوات جيدة.. ولكن كانت فيها حركة تصنيع كبيرة، وكان فيها استثمار طامح، وكانت فيها حركات إصلاح ناهضة، وكان فيها.. وكان فيها.. مما قضت عليه يوليو، بحماقة غير مسبوقة.. وقد كان استكمال ما بدأناه قبل يوليو، بدلاً من العودة إلي نقطة الصفر، كفيلاً - في تقدير سكرتير عام الوفد - بأن يجعلنا دولة بحر متوسطية، تقف الآن علي قدم المساواة، مع إسبانيا واليونان، بل تتفوق عليهما، لا أن ننافس فقط، أو نتجاوز ماليزيا التي بدأ اقتصادها مسيرته عام ١٩٨١.. وربما يكون الشيء المحزن حقاً، هو قول منير فخري، قطب الوفد، إن لديه صورة من تقرير كان مرفوعاً إلي عصبة الأمم عام ١٩٣٧، عن الدول المتوقع لها أن تسود في الشرق، وقتها، ومستقبلاً.
وكان التقرير يشير إلي دولتين بالاسم: مصر.. واليابان!!
وقد صارت إحداهما اليوم في السماء، والأخري في سابع أرض!!
ويقول الكاتب الأستاذ منير عامر، إنه مندهش بسبب دعوتي - في نظره - إلي الملكية، دون مبرر معقول! ولا يقبلها.
وتعليقات أخري، وتعقيبات كثيرة، تضيق المساحة المُتاحة عنها، غير أني أجد ضرورة في العودة إلي الموضوع، لأقول من جديد، إن الهدف ليس ملكية، ولا جمهورية، ولا «عفريت أزرق»!!.. وإن هذا التصنيف الشكلي، ليس في ذهني، ولا أعتقد أنه يكون في ذهن أحد، حين ينعي حالنا، في هذه الأيام، فالقصد دوماً أن تكون هناك دولة مكتملة الأركان، بالمقاييس والمعايير التي أشار إليها أفلاطون، في جمهوريته الشهيرة.. وهي جمهورية، فهمها كل واحد علي طريقته، من أفلاطون إلي الآن.. فالفيلسوف الألماني «نيتشه» - علي سبيل المثال - كان يراها دولة قوية يصعد فيها النازي إلي الحكم، ويسحق الحاكم الفرد، إرادة المجموع، في سبيل قيام جمهورية، أو إمبراطورية، تدوس الناس، والعالم معها تحت قدميها، وتري جنس أبنائها وحده، هو الأولي بالبقاء، والارتقاء، فوق أجساد وجثث الآخرين!
وفي روسيا، كان فهم «ماركس» و«أنجلز» لجمهورية أفلاطون، مختلفاً، وكان رأيهما أن البقاء هو للمجموع في شيوعية مسيطرة لا تدع للفرد - كفرد - فرصة التحقق علي أي مستوي، فلابد أن يذوب تماماً في الجماعة!
ونحن لا نريدها دولة ماركسية، ولا نازية.. ولكننا نريدها دولة فيها الحد الأدني، من التوازن، بين السلطات الثلاث، وفيها الخط الفاصل بين حق الحاكم، وحق المحكوم.. وأغلب الظن أن دولة ما قبل يوليو، كان فيها شبه توازن بين السلطات، وكانت فيها أحزاب تتداول السلطة فيما بينها، ولا يحتكرها حزب واحد إلي الأبد، وكان فيها دستور ٢٣، الذي كان يعطي ما للأمة للأمة، ويجعلها مصدر السلطات، ويعطي ما للحاكم للحاكم، قدر ما كان متاحاً وقتها.. وهي بدايات، كما نري، كانت تُغري بأن نأخذها، ونتبناها، ونبني عليها، فيمشي التطور في مجراه الطبيعي، لا أن يجري جمع السلطات كلها، في يد فرد واحد أحد، من ٥٢ إلي هذه الساعة.. هذا هو القصد، ولا قصد غيره.. ولك أن تسميها بعد ذلك، جمهورية، أو ملكية، أو بين بين.. لا يهم.. فالاسم ليس هو الموضوع.. ولا ينبغي أن يكون!
نقلاً عن صحيفة المصرى اليوم
هناك تعليق واحد:
希望大家都會非常非常幸福~為您介紹世界最知名私家偵探公司.................................
إرسال تعليق